التخطي إلى المحتوى

البنك المركزيشعب اونلاين:متابعات/

تمثل البنوك المركزية أو سلطات النقد جزءاً مهماً من أركان أية دولة، بل وتعد أحد أركان أي نظام سياسي، وتعادل في أهميتها أجهزة حساسة مثل الجيش والشرطة والقضاة وغيرها.
بل إن هذه البنوك تعد من أبرز الأجهزة السيادية التي تفوق في أهميتها أجهزة المخابرات والاعلام وغيرها، لأهميتها القصوى، ليس فقط في إدارة الملف المالي للدولة، بل وفي لعب الدور الأكبر في إدارة الملف الاقتصادي بتعقيداته.
فملفات مثل توفير فرص عمل جديدة وتحريك النشاط الاقتصادي ومكافحة البطالة والتضخم والمساعدة في تمويل المشروعات سواء الضخمة أو المتوسطة والصغيرة تعد من أبرز الملفات التي تعمل عليها البنوك المركزية.
ومن هنا تتولى البنوك المركزية مهام كثيرة، منها إدارة محفظة المجتمع المالية، وطباعة البنكنوت، وتوفير السيولة النقدية للمجتمع، وإدارة الدين العام الحكومي، وإدارة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، والرقابة على سوق الصرف الأجنبي، وسداد الديون الخارجية المستحقة على الدولة.
وهناك مهمة أخطر للبنوك المركزية، وهي حماية أموال المودعين عبر الرقابة والإشراف على القطاع المصرفي مثل البنوك وشركات الصرافة والدفاع عن العملة الوطنية، وحمايتها من مخاطر الانهيار، والحيلولة دون حدوث مضاربات عنيفة عليها، أو خفض قيمتها بشكل غير مبرر ولا يتناسب مع مؤشرات الاقتصاد.
ولذا فإن كل دول العالم لديها بنوك مركزية تسعى لتقويتها عبر منحها الاستقلالية الكاملة في إدارة السياسة النقدية والرقابة على البنوك، بعيداً عن الحكومة، وحتى تلك الدول التي ترزخ تحت الاحتلال، كما هو الحال في فلسطين، لديها سلطات نقد تقوم بمهام البنوك المركزية باستثناء طباعة البنكنوت.
وعندما تخطط مجموعة في دولة ما للانقلاب على السلطة الشرعية، فإن من أبرز الأجهزة التي يضع الانقلابيون أعينهم وأيديهم عليها هي البنك المركزي ومعها اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وهذا ما حدث عندما حدث انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن في سبتمبر/أيلول 2014. 

ومنذ ذلك الوقت، ظل البنك المركزي اليمني في قبضة الحوثيين، يوجهونه حسب أهدافهم السياسية، بغض النظر عن مصلحة البلاد الاقتصادية والمالية، ومن هنا رأينا تواطؤاً من إدارة البنك مع الحوثيين في صرف 100 مليون دولار شهرياً للمجهود الحربي، لصالح مليشيا الحوثي، وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
ورغم تدخل جهات دولية كثيرة لتحييد البنك المركزي وإبعاده عن تعقيدات الحرب والسياسة ليصبح بنكاً لكل اليمنيين، إلا أن الحوثيين استخدموا البنك كذراع يمولون من خلالها العمليات العسكرية ويستولون على إيرادات النفط حتى ولو تم تصديرها من المناطق المحررة.
ومع انتقال السلطة الشرعية في اليمن من الرياض إلى عدن، كعاصمة مؤقتة، توقع كثيرون نقل البنك المركزي من صنعاء حيث يخضع لسيطرة الإنقلابيين باليمن إلا أن هذا لم يحدث خلال العامين الماضيين، وكان مثار استفسارات كثيرة.
ومن هنا، تأتي أهمية قرار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، مساء الأحد الماضي بنقل المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني الخاضع حالياً لسيطرة الانقلابيين في صنعاء، إلى عدن، لينهي هذه المعركة المهمة التي طالت أكثر من اللازم.
صحيح أن معركة مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن قد حسمت بقرار هادي، لكن السؤال: هل يسكت من قام بالانقلاب على السلطة ويقبل القرار، أم يواصل السيطرة على مقر البنك بصنعاء لخدمة مصالحه؟ وماذا عن ردود المجتمع الدولي تجاه القرار اليمني؟  

الإنقلابات ومعركة البنوك المركزية