التخطي إلى المحتوى

ولد الشيخ في مشاورات الكويت اليمنيةشعب اونلاين:متابعات/

في الساعات الأولي من فجر غدا الخميس تدخل الهدنة  اليمنية المؤقتة و مدتها 72 ساعة بين القوات الحكومية والحوثيين حيز التنفيذ، وتتضمن وقفاً لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات إلى المناطق المتضررة، فما فرص صمود الهدنة المرتقبة بين أطراف النزاع في اليمن والسيناريوهات المحتملة في البلاد خلال المرحلة المقبلة؟

وجاءت الدعوة بعد إعلان التحالف العربي الذي تقوده السعودية أن طائراتها قصفت الأسبوع الماضي “بالخطأ” مجلس عزاء في صنعاء ما أسفر عن مجزرة قُتل فيها 140 شخصا أصيب أكثر من 500 آخرين.

وأقر التحالف بأن الضربة الجوية للمجلس نفذت “بناء على معلومات مغلوطة”، بعد أن تصاعدت مطالبات دولية بإجراء تحقيق دولي في احتمال وقوع جرائم حرب في اليمن.

 وتعد الهدنة المرتقبة هي الهدنة السادسة، حيث توصل أطراف النزاع في أبريل لهدنة تزامنا مع مشاورات سلام رعتها الأمم المتحدة في الكويت،  إلا أن وقف النار خرق بشكل متبادل، وانهار بشكل كامل مع تعليق المشاورات مطلع اغسطس.، فيما تبدو فرص نجاحها أكبر من سابقاتها في ظل ضغوط دولية لإنهاء نزاع متواصل منذ 18 شهرا.

شروط متبادلة

وفي حين أبدت الأطراف التزاما مبدئيا، طرح كل منهم شروطه. فحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي تطلب وجود لجنة لمراقبة تنفيذ الهدنة، وتشترط رفع الحصار الذي يفرضه الحوثيون منذ أشهر على مدينة تعز في جنوب غرب اليمن، وتسهيل توزيع المساعدات الإنسانية من دون قيود.

أما الحوثيون وحلفاؤهم، فأبدوا الثلاثاء استعدادهم للتعاطي “الإيجابي” مع الهدنة، مرحبين في الوقت نفسه “بأي قرار يصدر من مجلس الأمن الدولي يتضمن وقف إطلاق النار الدائم والشامل من دون شروط، بما يوقف العدوان على اليمن ويرفع الحصار عن الشعب اليمني“.

استئناف المشاورات

تأمل الأمم المتحدة ودول كبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا، أن تساهم التهدئة في التمهيد لاستئناف مشاورات سلام من شأنها أن تنهي نزاعا داميا أدى إلى مقتل زهاء 6900 شخص وإصابة 35 ألفا، ونزوح أكثر من ثلاثة ملايين، منذ مارس 2015.  

ونقل عن دبلوماسيين قولهم إن مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد شيخ أحد طلب إرجاء اجتماع مجلس الأمن الذي كان مقررا في الـ20 من الشهر الحالي لمناقشة الوضع في اليمن إلى نهاية الشهر، متوقعين أن يدعو إلى جولة محادثات جديدة خلال الأسبوعين المقبلين.

وأكد  وزير الخارجية الأمريكي الثلاثاء ان “الولايات المتحدة، إلى جانب المجتمع الدولي، مستعدة للمساعدة وسنواصل العمل مع جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية تستند إلى مفاوضات لوضع حد دائم للنزاع“.

المصالح الدولة تغير معادلة الهدنة

اعتبر مراقبون أن التصريحات القوية التي صدرت عن البعض من الدول الراعية للحوار السياسي وعلى رأسها أميركا وبريطانيا عقب حادثة قاعة العزاء في صنعاء هي محاولة لاستغلال الحادث من أجل مضاعفة الضغوط التي كانت تمارس في الخفاء على دول التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، وهو الأمر الذي عكسته بوضوح التصريحات المطالبة بوقف إطلاق نار غير مشروط.

واعتبر المحلل السياسي اليمني عارف أبوحاتم أن المجتمع الدولي يتعامل مع الملف اليمني من باب حماية المصالح الدولية في المنطقة واعتبار اليمن بؤرة توتر تهدد السلم الإقليمي وليس وفقا للقرارات الدولية التي دعت إلى التراجع عن الانقلاب الحوثي وإعادة تسليم المدن والأسلحة.

 ويرى المستشار الاول مدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب في مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني أن ثمة إمكانية لتسوية حول قرار مجلس الأمن 2216 الصادر في ابريل 2015، والذي يختلف أطراف النزاع حوله.

وأوضح العاني أن “القوى الكبرى منخرطة بشكل أكبر هذه المرة، خصوصا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين تفرضان ضغوطا على الأطراف“.

أضاف “في الوقت نفسه، الأطراف منهكون جراء الكلفة الإنسانية والمالية للنزاع”، وأنهم باتوا مقتنعين بعدم قدرتهم على “الفوز عسكريا“.

ولم يكن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين هو المبرر الوحيد الذي دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى التحرك لإقرار الهدنة، فهناك أيضا المخاوف على أمن الملاحة الدولية بعد هجمات حوثية ضد مدمرة أميركية.

ولفت محللون يمنيون إلى إن استهداف الملاحة الدولية في مضيق باب المندب في الفترة الأخيرة دفع إلى تغيير موقف الولايات المتحدة المتساهل نسبيا مع الحوثيين، وقد بدا هذا الموقف أكثر تشددا بعد قصف ثلاثة مواقع رادار تابعة لهم، وتهديد باستهداف أقوى ضد محاولات الاستفزاز الحوثية للقطع العسكرية الأميركية.

استراحة محارب

في حين لا يستبعد المراقبون أن يلجأ الحوثيون إلى المناورة واستثمار ضعف الإرادة الدولية للتهرب من وقف إطلاق النار، واعتبار أن التهدئة تعني فقط وقف عمليات التحالف العربي ضده، حيث تعامل الانقلابيين في الخمس هدنات السابقة كمحطة لاستعادة أنفاسهم،حيث أوضح الكاتب والباحث السياسي اليمني محمد جميح أنه نه ما لم يكف الحوثيون عن النظر إلى الهدنة على أنها استراحة محارب فإنها لن تصمد وستفشل.

وأعرب عن اعتقاده بأن تفعيل عمل لجنة المراقبة من شأنه أن يضبط الهدنة، لكنه قال إن الحوثيين يرفضون حتى الآن إعادة مندوبيهم للجنة، معتبرا أن التحالف العربي لا يشن عدوانا خارجيا على اليمن، وإنما الحوثيون هم الذين شنوا عدوانا داخليا على الشرعية جاء بعاصفة الحزم.

ورأى أنه لا مؤشرات على إمكانية نجاح الهدنة في ظل حصار الحوثيين لتعز والجرائم التي يرتكبونها ضد الشعب اليمني.

ومن جانبه أشار المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى إلى أن الحوثيين مازالوا يتعاملون مع الهدنات كمحطة لاستعادة أنفاسهم وأنهم لم يصلوا بعد إلى المرحلة التي سيقررون فيها الهروب إلى الحل السياسي بشكل نهائي.

غير أن هذه المرحلة بحسب مصطفى قد قاربت على الحدوث بالفعل مع تصاعد المؤشرات على ثورة جياع تلوح في الأفق نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي فاقمه عجز الانقلابيين عن دفع رواتب الموظفين مما قد يدفعهم إلى الهروب باتجاه تصعيد أكبر من قبيل استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر بهدف الضغط على المجتمع الدولي.

وقد يلجأون إلى مبادرات تصعيدية تجعل من أولوية وقف إطلاق النار أمرا ثانويا، وتحويل وجهة ردود الفعل إليها مثل الإعلان عن تركيبة الحكومة التي أعلنوا عن تشكيلها منذ أسابيع قليلة.

موقف الشعب اليمني

قال رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية الدكتور ماجد التركي إن الشعب اليمني أكثر الرافضين للهدنة المرتقبة.

وعزا التركي رفض الشعب اليمني للهدنة إلى أنها تعطي الحوثيين وصالح التقاط الأنفاس وإعادة التمترس، كما أنه يعاني من المجازر التي ترتكبها بحقه مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بعد كل هدنة.

وأكد أن الهدنة تصب في صالح الانقلابيين لا في صالح الشعب اليمني ولا الحكومة الشرعية ولا التحالف العربي، رغم أن الأخير لا يرفض أي هدنة تقود إلى حل سياسي خلافا للحوثيين وصالح الذين يراهنون على كسب الوقت ودعم إيران وتبدل المفاهيم الخطير في المواقف الدولية، حيث كان من المفروض أن يفرض المجتمع الدولي عقوبات صارمة ضد الحوثيين وصالح بدل السعي للهدنة.

 

هل تصمد الهدنة باليمن؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟