التخطي إلى المحتوى

05h99اخترق جهازا كومبيوتر لوحيان وكاميرتان متناهيتا الدقة حصارا مفروضا منذ عشر سنوات على قطاع غزة، حيث نقلت تقنية علمية جديدة لطاقم طبي في القطاع الفلسطيني يد جراح لبناني وخبرته عبر الحدود ليستعين بها زميل له في غرفة عمليات تبعد مئات الكيلومترات.
ويشرح الدكتور غسان أبو ستة رئيس قسم جراحة الترميم في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت التقنية بقوله إن المهم في هذه التكنولوجيا أنها قادرة على أن توفر في الأماكن- حيث لا مياه ولا كهرباء- الخبرات الطبية اللازمة عبر الانترنت والأقمار الاصطناعية.
واستخدمت تقنية «بروكسيمي» للمرة الأولى في لبنان والمنطقة في مطلع الأسبوع في إرشاد الطبيب حافظ أبو خوصة في غرفة عمليات في «مستشفى العودة» في قطاع غزة إلى الخطوات الدقيقة التي يتعين عليه اتباعها في ترميم يد مريض تعاني من تشوه خلقي أدى إلى قصر المسافة بين الإبهام والسبابة وأفقدها القدرة على الإمساك بالأشياء بطريقة صحيحة.
ومن غرفة اجتماعات عادية مكتظة بالمتفرجين في مستشفى الجامعة الأمريكية رسم أبو ستة بقلمه على يد المريض البادية أمامه على شاشة الجهاز اللوحي الشق الذي يتعين على أبو خوصة إحداثه لإطالة المسافة بين الإصبعين من دون المس بأعصابهما بينما كانا يتشاوران مباشرة حول عمق الشق الجراحي المطلوب وطريقة لأم الجرح بعد الانتهاء من العملية.
وخلال العملية التي استغرقت نصف ساعة تقريبا كانت الجراحة الترميمية نادين حشاش حرم مبتكرة فكرة «بروكسيمي» ومهندس البرمجيات طلال علي أحمد الذي حولها إلى حقيقة يواكبان التفاصيل وسير الخطوات تفاديا لأي انقطاع في التواصل بين الطرفين.
وشرح أبو خوصة حاجة المريض إلى جراحة متخصصة في يده لم يكن في إمكانهم القيام بها في غزة. وقال «بلال، شاب عمره 16 سنة عنده مشكلة في ايده وفي مشكلة في نقص في الجلد وفي تشوهات في الأوتار. عنده الفراغ بين الابهام والأصبع الثاني قصير جداً ما بقدر يستخدم هذا بشكل طبيعي. عنده الزاوية بين الابهام والاصبع التاني تقريبا 20 درجة المفروض تكون 90 درجة. احنا عملناله عملية اليوم بدون ما نحطله رقعة يعني نقلنا الجلد من مكان لمكان تاني في نفس المكان حركنا الجلد.»
ولولا الخبرة الطبية للدكتور غسان ابو ستة في بيروت لما أمكن للفريق الجراحي إجراء العملية.
وقال أبو خوصة «الهدف من البروكسيمي أو من التكنولوجيا هادي انها توفر الأمان أكثر للمريض أو انه في بعض مرضى انه ما في امكانية يتحول برا ويحتاج لعمليات معقدة هادي في المستقبل مش شرط مع جراحة التجميل اي جراحات تانية كأنه الاستشاري أو الي بكون موجود في نفس الغرفة معك يعني بيعطيك اوبينيان يعطيك اراءه بحيث انه العملية تكون على أفضل وجه.»
وباستخدام نظام بروكسيمي يرى أبو ستة مسرح العمليات في غزة على هاتفه اللوحي في غرفة مؤتمرات في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت.
بعد ذلك يقوم بقيادة الفريق الجراحي بالتحدث إليهم وجها لوجه ورسم علامات على صورة ليد المريض ليروها على شاشاتهم في غرفة العمليات.
وقال أبو ستة «بمستشفى العودة في غزة المريض حيكون قدامه الآيباد الكاميرا عم تصور الايد اللي هي الحقل الجراحي تاع العملية انا الآيباد تاعي حيكون في صورة المريض والحقل الجراحي أنا حأرسم على الآيباد تاعي فين لازم تنعمل يقص الجراح عالناحية التانية نقدر نعمل العملية هي الصورة اللي انا عمبرسمها حتظهر عند الدكتور حافظ بغزة على الآيباد تاعو حيقدر يلحق على الرسمات تاعتي كيف بعمل القص تاعو ليقدر يطول المسافة بين السبابة والابهام.»
وشرحت حرم نشأة الفكرة بالقول إنه قبل عامين تمت دعوة جراحين من العراق واليمن وسوريا لتعليمهم كيفية إجراء عمليات معينة وتطوير قدراتهم لكن لم يتمكن أحد من الحضور بسبب الأوضاع في المنطقة.
لكنها أضافت أن هذه التكنولوجيا يمكن استخدامها أيضا بطرق أخرى لا في مناطق الصراعات فحسب.
وأوضحت «في كتير مرونة هيدا اللي حلو في البروكسيمي وهيدي بتقدر تساعد إذا انت عم تشتغلي مع منظمة أطباء بلا حدود وعم تشتغلي مع منظمات خيرية بيقدرو بالطب الميداني يستعملوها وبنفس الوقت إذا انت بالدول المتقدمة فيكي كمان تستعمليها بغرفة العمليات بنظام مثبت نحن عم نشوف هيدي المنصة لكل بلدان العالم مش بس للبلدان اللي ما عندن إمكانية الوصول و للبلدان اللي بدن يطلبو طلب يعني خبرة من برا هيدي للجميع…»
وفرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة عام 2006 وجرى تشديده بعد أن سيطرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع عام 2007. ويعاني المجال الصحي في قطاع غزة مثل غيره من المجالات تدهورا كبيرا جراء الحصار وبعد حروب متتالية باتت الحاجة إلى الخبرات والمهارات الخارجية أكثر إلحاحا.
ويعاني كثير من سكان غزة من إصابات تحتاج إلى متابعة أو ترميم جراء الحروب المتتالية التي شهدها القطاع.
وربما لا تستطيع التقنية الطبية الجديدة أن تذلل كل المصاعب أو تلين مواقف حكومات وجيوش في مناطق النزاع والحصار لكنها قد تكون الملاذ الأخير في ظروف مستحيلة ليتحايل الأطباء من أجل إنقاذ جريح أو مريض بمشرط جراحي يمسك به زميل لهم في مكان ما من العالم ليخط على جهاز لوحي رسما قد يمنح الكثيرين حياة جديدة.

المصدر رويترز

طبيب في بيروت يستخدم تكنولوجيا جديدة في توجيه جراح في غزة لإجراء عملية