البنك المركزيشعب اونلاي:متابعات/

تراكمت الديون على الموظفين، وباتوا لا يمتلكون أي دخل يسد رمقهم، وفي المقابل يرون أمام أعينهم قادة وعناصر الانقلاب يثرون من نهب أموال الدولة والبنك المركزي الذي سطوا على ما فيه من احتياط نقدي من العملات الأجنبية والمحلية.

“الراتب هو الحياة”، شعار بدأ اليمنيون من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين رفعه في وجه المليشيات الحوثية الانقلابية، بعد أن أصبح الجوع يقض مضاجعهم لعدم تسلم رواتبهم منذ أربعة أشهر، في وقت قطعت فيه الرواتب منذ أكثر من عام عن معارضي الانقلاب وطردوا من وظائفهم.

واتجه كثير من الموظفين إلى البحث عن مصادر دخل تقي أسرهم الجوع، وهذا ما دفع أستاذا جامعيا للعمل في مجال البناء، بينما انخرط البعض في قيادة سيارات الأجرة، وآخرون من المغلوب على أمرهم سواء كانوا مدنيين أو عسكريين اعتكفوا في بيوتهم يعانون الفقر والجوع، وبعضهم ترك المدينة إلى القرى، وهناك من غادر إلى الخارج.
وانتهج
 الحوثيون منذ سيطرتهم على صنعاء سياسة طرد الموظفين وقطع الراتب عن معارضيهم واستبدالهم بعناصرهم ومن يؤيدهم ويواليهم، ومع قرار الحكومة الشرعية نقل مقر البنك المركزي إلى عدن، قطعوا عن مئات آلاف الموظفين رواتبهم، مما أدخل أكثر من مليون موظف حكومي في دائرة الحاجة والجوع.

ويرى محللون يمنيون أن قطع الراتب والطرد من الوظيفة العامة سياسة عقاب جماعي ترتكبها المليشيا الحوثية بحق الشعب اليمني، بعد إشعالهم حربا شاملة في البلاد عقب انقلابهم على السلطة الشرعية.

تراكم الديون
والمفارقة أن الموظفين الذين يعانون الجوع والفقر وتراكمت عليهم الديون وباتوا لا يمتلكون أي دخل يسد رمقهم يرون أمام أعينهم قادة وعناصر الانقلاب يثرون من نهب أموال الدولة والبنك المركزي الذي سطوا على ما فيه من احتياط نقدي من العملات الأجنبية والمحلية، وصاروا أثرياء يشترون بمئات الملايين الفلل الفارهة والعمارات العالية والعقارات والمزارع والأراضي الخالية
.

وأرجع الصحفي والناشط الحقوقي صالح الصريمي، أحد ضحايا الحوثيين الذين قطعوا عنه راتبه منذ أكثر من عام، في حديث للجزيرة نت؛ سبب قطع راتبه إلى رفضه الانقلاب، وكونه صحفيا، وأشار إلى تعرضه للتهديد والاعتداء من مسلحي الحوثيين؛ مما اضطره لمغادرة اليمن خوفا على حياته، كما هي حال المئات من الصحفيين.

ويؤكد الصريمي أن قطع الحوثيين راتبه الشهري سبّب له ولأسرته ضائقة مالية، ودفعهم للهجرة إلى الريف من العاصمة، بعد أن زادت حجم المعاناة المعيشية التي يقاسونها مع أغلبية الشعب اليمني.

ورأى أن قطع الراتب يعد إحدى العقوبات الممنهجة التي تستخدمها مليشيات الحوثيين ضد رافضي الانقلاب، وكانت تستغل بقاء البنك المركزي تحت إدارتها للتحكم في مصارف وموارد الدولة وعقاب الخصوم والمعارضين والرافضين للعمل مع مليشياتهم ضد السلطة الشرعية.

احتقان
وبات الاحتقان الشعبي والغضب المكبوت يعتمل بشكل متزايد في صفوف الموظفين والعاملين بالمؤسسات الحكومية، وينذر بثورة جياع عارمة ضد مليشيا الانقلاب الحوثية، التي تحكم سطوتها بالقوة على مفاصل الدولة، وتجابه أي تحركات شعبية بالرصاص، في وقت تواصل فيه سياسة الملاحقة والاعتقال والقتل خارج القانون، لأي شخص يشتبه بأنه يناوئ الانقلاب أو يؤيد السلطة الشرعية
.

وتسببت أزمة الراتب في خروج احتجاجات بمؤسسات ووزارات الدولة وإضرابات داخل الجامعات والمدارس بالعاصمة اليمنية صنعاء، جوبهت بالسلاح والقوة من مليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

ورأى رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، في حديث للجزيرة نت، أن خروج المئات من المدنيين والعسكريين للاحتجاج على مليشيا الانقلاب الحوثية بشأن تأخر صرف رواتبهم عدة أشهر يعد مؤشرا على حالة الاحتقان الشعبي الذي وصل إليه المجتمع اليمني جراء الممارسات التي ارتكبتها المليشيات في تدمير كل مقومات الاقتصاد اليمني والوصول به إلى مرحلة الانهيار الشامل والعجز عن دفع المرتبات.

وقال إن الخروج والاحتجاج في ظل القمع الذي تمارسه المليشيات الحوثية يعد نضالا من أجل مواجهة الجوع، الذي بات يهدد حياة الملايين من الموظفين وأسرهم بما فيهم أساتذة الجامعات والمعلمون الذين صعدوا احتجاجاتهم وقوبلت بالقوة ومزيد من الانتهاكات.

ودعا نصر إلى تداعي كل موظفي الدولة لانتزاع رواتبهم والمطالبة برحيل مليشيا الانقلاب من مؤسسات الدولة لتتحمل الحكومة الشرعية مسؤوليتهم وتدفع رواتبهم.