أّكد الجيش الوطني اليمني استسلام عناصر إرهابية تابعة لتنظيم «القاعدة» في اليمن٬ وذلك استجابة للنداء الذي وجهته القوات اليمنية لكل من تورط بالانتماء لتلك التنظيمات أو مناصرتها ولم تتلطخ أيديهم بالدماء.

وأوضح العميد سمير الحاج الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» أمس٬ أن القوات اليمنية الموالية للشرعية التي أصدرت بالتعاون مع قيادة التحالف العربي نداء للمغرر بهم من المتورطين في الانضمام إلى تنظيمات إرهابية٬ وجدت تفاعلاً إيجابًيا مع هذا النداء؛ إذ استسلم عدد من أنصار تنظيم «القاعدة» المطلوبين أمنًيا في اليمن٬ وسيتم التعامل معهم وفق الوعد الوارد في النداء المعلن في بيان رسمي. وتابع أن «بعض أفراد التنظيم استجاب للنداء وسلّم نفسه٬ وباب العودة لجادة الصواب ما زال مفتوًحا أمام من أراد أن يعلن توبته ويسلم نفسه»٬ لافًتا إلى أن عدد المتعاطفين مع القوى الإرهابية يتناقص يوًما بعد آخر.

وأضاف الحاج: «نحن لسنا دعاة حرب ونحرص ألا يتعرض اليمنيون لأذى٬ ولكن من يخالف النظام والقانون والشرع سيتم التصدي له٬ حماية للشعب اليمني وأرض اليمن». وأكد أن القوات العسكرية مستمرة في تطهير منطقة أبين من عناصر «القاعدة»٬ وسيطرت على ما يقارب 80 في المائة من المنطقة٬ وتوجد بعض المناطق التي هرب ويختبئ بها عناصر التنظيم٬ مستغلين تضاريسها الجغرافية الوعرة.

يشار إلى أن القوات اليمنية الشرعية أصدرت بالتعاون مع قيادة التحالف العربي بياًنا٬ ذكرت فيه أنه بعد التأكد من انخفاض نسبة القلق الذي تشكله جماعات التطرف والإرهاب نتيجة النصر العظيم (في حضرموت) وما تلاه من انتصارات تمثلت في ملاحقة واعتقال كثير من عناصر وقيادات الصف الأول للتنظيم الإرهابي٬ تم إصدار عفو عمن يسلم نفسه ولم يتورط بدماء الأبرياء. وشدد البيان على صدور «قرار عفو ومسامحة لكل من تورط بالانتماء لتلك التنظيمات أو بالمناصرة لهم٬ وذلك بتسليم أنفسهم»٬ على أن يشملهم «العفو والعهد من قبل القيادة بعدم الملاحقة والمتابعة لهم».

يشار إلى أن السعودية كان لها تجربة سابقة في العفو عن المنتمين للتنظيمات الإرهابية٬ حيث أطلق الراحل الملك فهد بن عبد العزيز عام 2004 مهلة للعفو٬ أعلنها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان وليا للعهد الذي قال في حينه إن المهلة لـ«كل من خرج عن طريق الحق وارتكب جرًما باسم الدين»٬ مشدًدا في ذلك الوقت على أن المهلة ليست ضعًفا لكنها الباب الأخير في العفو والصفح٬ مع التأكيد لمن فّضل الاستمرار في طريق الإرهاب بأن هناك قوة لا تلين ستكون مآله.

على صعيد متصل٬ أصدر وزير الداخلية اليمني حسين عرب قرارا أمس قضى بتعيين قائد معركة تطهير أبين من «القاعدة» عبد الله ناصر الفضلي مديرا لشرطة محافظة أبين. وقوبل تعيين الفضلي٬ الذي يعد من أبرز قيادات قوات الحزام الأمني بعدن٬ بترحيب رسمي وشعبي كبير.

إلى ذلك٬ نفذت قوات الجيش والأمن بمحافظة أبين أمس حملات دهم لأوكار عناصر من تنظيم الشريعة٬ جناح تنظيم «القاعدة» بجزيرة العرب٬ بعدد من أحياء مدينة زنجبار بعاصمة المحافظة٬ واعتقلت عددا من العناصر الإرهابية المطلوبة بالمدينة؛ كما شملت الحملة مديرية جعار أكبر مدن أبين.

وتأتي حملات الدهم وتعقب الجيوب الإرهابية بمدينتي زنجبار وجعار بعد أقل من 24 ساعة من حملة انتشار عملية أمنية واسعة النطاق لحفظ الأمن والاستقرار بالمدينتين٬ وحماية المرافق والمؤسسات الحكومية المهمة مثل المستشفيات والبنوك ومراكز الشرطة. وكانت حملة عسكرية ضخمة قدمت من عدن قد نجحت٬ بإسناد بحري وجوي من قوات التحالف العربي٬ في تطهير محافظة أبين ومركز المحافظة زنجبار من الجماعات الإرهابية في أقل من 10 ساعات من انطلاق الحملة العسكرية من عدن.

وأوضح العميد عبد الله الفضلي٬ قائد معركة تطهير أبين مدير شرطة المحافظة٬ في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة العسكرية مستمرة في تعقب الجيوب الإرهابية وحفظ الأمن والاستقرار بالمحافظة وتطهير المدينة بالكامل مما سماها بـ«عناصر الشر والإرهاب والإجرام»٬ مؤكًدا بأن قواته ستكافح لاستعادة الأمن والاستقرار للمحافظة.

وأكد الفضلي بأن قوات الحزام الأمني بدأت بالانتشار واستحداث نقاط أمنية في المدن الرئيسية ونشر قوات أخرى لحماية وتأمين المرافق الحيوية٬ وسط حملات دهم واعتقالات لأوكار العناصر الإرهابية من تنظيم «القاعدة» في عاصمة المحافظة زنجبار وجعار وبقية مدن المحافظة٬ و«هي لن تتوقف إلا بتطهير أبين وتأمينها بالكامل  من الإرهابيين».

في السياق ذاته٬ استهدفت سيارة مفخخة في وقت متأخر أول من أمس نقطة أمنية للقوات العسكرية المشاركة في تطهير أبين من الجماعات الإرهابية بمنطقة شقرة الساحلية٬ وسقط خلالها قتلى وجرحى. وتعد هذه أول عملية إرهابية تستهدف القوات الحكومية منذ 3 أيام من دخولها أبين وتطهيرها.

من جهتها٬ أوضحت مصادر محلية مطلعة وأخرى عسكرية في شقرة بأن سيارة مفخخة استهدفت نقطة أمنية بالمدينة نصبتها القوات العسكرية عقب يوم من دخولها أبين٬ أسفرت عن سقوط 10 بين قتلى وجرحى٬ وسط اشتباكات عنيفة أعقبت عملية التفجير الإرهابية. وتواصل القوات العسكرية والأمنية لليوم الثالث على التوالي عملية حظر التجوال في المدينة٬ الذي ينفذ من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا وسط إجراءات أمنية مشددة٬ وإغلاق للطرق الرئيسية بين مديريات المحافظة خصوًصا جعار باتيس الحصن وكذا الخط الساحلي الرابط بين عدن وبين حضرموت والذي سيستمر إغلاقه حتى استكمال تطهير المحافظة وتأمينها بالكامل.

بدوره٬ أكد القائد الميداني الخضر نوب أن الخطة الأمنية تشمل تطهير شقرة وجميع مناطق أبين٬ لافًتا إلى استمرار انتشار قوات الحزام الأمني في المناطق المحررة لتأمينها وحفظ الأمن والاستقرار فيها بالتزامن مع تواصل حملات التعقب للعناصر الإرهابية بالمحافظة. وقال نوب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة العسكرية لتطهير أبين تأتي بدعم ومشاركة من قوات التحالف العربي بعدن٬ وفي مقدمتها السعودية والإمارات٬ مضيفا أنها «لن تتوقف عند تطهير المحافظة من شر وإجرام عناصر تنظيم القاعدة٬ ولكنها ستشمل تفعيل مراكز الأمن واستعادة المعسكرات والتمركز في عموم مديريات المحافظة واستعادة أبين للحياة والنهوض من جديد»٬ على حد قوله.

ووصف مراقبون سياسيون عملية الانتشار الأمني الواسعة في زنجبار وجعار عقب تحريرها من الإرهابيين بـ«الخطوة الإيجابية» التي تؤكد عزم الشرعية٬ بدعم التحالف العربي٬ من تطهير كامل مدن أبين واستعادة الأمن والاستقرار للمحافظة التي عانت كثيرا من دمار وإجرام «القاعدة» منذ سقوطها عام 2011.

من ناحية أخرى٬ واصلت قوات الحزام الأمني بمناطق يافع عمليات انتشار واسعة النطاق٬ حيث شرعت بنصب واستحداث نقاط أمنية في مديريات يهر لبعوس والحد٬ ضمن خطة للتحالف العربي بتأمين حدود يافع مع محافظة البيضاء والتصدي لأي عناصر إرهابية فارة من أبين.