التخطي إلى المحتوى

%d8%b1%d9%88%d8%a7%d8%aa%d8%a8شعب اونلاين:متابعات/

عبدالعزيز (معلم) في الأربعينات من عمره، يقف أمام مدرسته في مديرية شرعب بتعز مطرقا رأسه وكأن شيئا ما يدور بخلده .. سألناه عن العام الدراسي الجديد لكنه هز رأسه وتمتم بكلمات لم نفهمها.

ألحينا في معرفة ما يقصده فالتفت بنظرات ملؤها الحسرة وهمس بهدوء “نحن في المدرسة ملتزمون بالدوام المدرسي منذ بداية التسجيل بحسب التقويم، لكنني اليوم صحيت من غفلتي لكوني مهتم بدفع الطلاب للمدرسة وحثهم على الاستمرار رغم أن الكتب لم تصل مكتملة وبعض المعلمين الذين هم من محافظات أخرى لم يتواجدوا بعد بسبب الظروف“.

نظر للأرض ثم أعاد نظر إلينا قائلا: “هل تصدقون اذا قلت لكم إن أولادي لم يحضروا للمدرسة حتى اليوم” .. سألناه عن السبب فأجاب: “رفض صاحب البقالة أن يوفر لي مستلزمات واحتياجات الدراسة من حفائب ودفاتر وأقلام وزي مدرسي حتى استلم المعاش“.

وضع تعليمي مختلف كليا
يختلف العام الدراسي الحالي كليا عن أعوام تعليمية سابقة، فظروف الحرب التي تشهدها اليمن ألقت بضلالها على كافة جوانب الحياة، خصوصا في الجانب الاقتصادي الذي يشهد انهيارا متسارعا جراء توقف الموارد المالية للبلد أضف الى ذلك الهوة الكبيرة التي خلفها قرار نقل البنك المركزي إلى عدن وتبعاتها المالية
.

تقدر تكلفة طباعة وتوفير الكتاب المدرسي بـ (12) مليار ناهيك عن نفقات مالية أخرى تتمثل في توفير المعامل الكيميائية والحاسوب وترميم المباني المدرسية وبدل انتقالات وبدلات سفر وكل هذه النفقات أصبحت في حكم المستحيل.

لقد تم الاستغناء عن تلك النفقات ولم يعد له ما يخصها من الموازنة، إلا أن أجور المعلمين المتوقفة منذ شهرين ستزيد من تأثيرها على تردي التعملية وقد يصل الحال معها الى توقف التعليم بشكل كامل.

يؤكد مستشار وزارة التربية والتعليم عبدالرحمن الصباري أن الاهتمام بالتعليم يبدأ من الاهتمام بالمعلم وتحسين معيشته وتأمينه حتى يقوم بواجبه الانساني والوطني مع العلم والتعليم من أجل خدمة المجتمع.

واعتبر أن “توقيف مرتبات المعلمين من الجرائم الإنسانية والاخلاقية، لأننا إذا أردنا الانتصار على الجهل والتخلف يجب الاهتمام بالتعليم ومنح المعلم كافة حقوقهم مهما كانت الظروف لأنها تعتبر مسئولية وطنية وأخلاقية على القائمين على شئون البلاد“.

ودعا الصباري أصحاب القرار بسرعة صرف مرتبات المعلمين بأسرع وقت، كما دعا كافة المعلمين أن يقوموا بواجبهم الانساني ويقوموا بالغرض الذي وجدوا من أجله.

من جهتها ترى أميرة شايف موجهة مركزية في صنعاء أن توقف راتب المعلم سيؤثر سلبا وبشكل كلي على المنظومة التعليمية، فبتوقف الراتب لن يجد المعلم مايقتاته أو يقتات به أولاده، كذلك لن يجد أيضا أجور المواصلات له ولأبنائه الطلبة لوصولهم الى المدرسة.

وأكدت أن الأمر أخطر مما هو متوقع في حال استمر انقطاع رواتب المعلمين، وقد يؤدي إلى انهيار المنظومة التعليمية .. داعية المعنيين في البنك والمالية إلى صرف المرتبات دون أي تأخير.

مخاطر توقف الرواتب
من جهته رئيس النقابة الوطنية للتعليم بمحافظة ريمة محمد الواقدي أكد أنه في ظل الظروف الصعبة والحرب المستعرة التي يمر بها البلد تأثرت كافة مناحي الحياة وانعكست سلبا على حياة الناس
.

واعتبر أن توقف الرواتب شكل أعباء إضافية على حياة المواطنين لاسيما قطاع التربية والتعليم كون هذه المؤسسة ربما هي الوحيدة التي لم يتوقف نشاطها على مدار العامين منذ بداية الحرب.

واستطرد: “المرتب يعد المصدر الوحيد للدخل لشريحة المعلمين، وتأخير الرواتب بدأ تأثيره واضحا على استمرار عطاء هذه الشريحة الهامة والتي بعملها وحركتها حركت المياه الراكدة في المجتمع ودب النشاط في المجتمع ككل وشعر الناس بان الحياة مستمرة والحركة لم تتوقف“.

وأكد أن الصعوبات التي تواجهها هذه الشريحة شريحة المعلمين جراء راتبه الضئيل ستزداد بعد انقطاع الراتب، لأنه بتوقف الراتب يكون قد توقف شريان الحياة النابض في الظروف الحالية وسيتأثر جراء توقف المعلم توقف ستة مليون طالب عن التعليم.

ونبه الواقدي سلطة الأمر الواقع من مخاطر استمرار قطع المرتبات. وطالب بوضع معالجات عاجلة وسريعة بما يضمن سرعة صرف رواتب هذه الشريحة تفاديا لأي آثار سلبية تنتج عن تأخر ذلك.

من جهته قال رعد الريمي – اعلامي وباحث تربوي من عدن – إن وصول الأمر إلى توقف الرواتب فان هذا ينذر بكارثة لا محالة تلقي بظلالها في أتون صراع مفتعل الغرض منه هو إيقاف العملية التعليمية وهذا ما يعني أننا على حافة الهاوية.

واضاف: “لا يكفي ان التعليم لدينا يسير بغير جودة سواء من حيث أهلية المعلم أو أهلية المنهج الذي من آثاره رداءة المخرج (المعلم)، ولكن أن يصل الحد بتوقف الراتب فان هذا بكل تأكيد يعني إدخال التعليم حالة الموت السريري الذي من آثاره كذلك استمرار كل ظواهر الجهل على مستوى المدينة والسهل والجبل“.

توقف رواتب معلمي اليمن يهدد التعليم