بقلمبقلم – رحاب عبدالله

كبُرعم  صغير نبتت.. احتفت بها أرض طيبة وأمطرتها مزنة سخية فترعرعت واستقام عودها.
حملت الأكتاف الشابة شيخا هتف بأعلى صوته : سلمية.. سلمية.
  كان يبتسم  تارة فتخضر روابي السعيدة وتتمايل أعمدة سبأ طربا و يقطب تارة أخرى فيزمجرشمسان ويكفهر وجه صبر ويضطرب نقم.        
بكت طفلة صغيرة نادت أباها الذي اغتالته رصاصات الغدر فبكت ملايين العيون واحتضنتها ملايين القلوب. 
ضمت شابة زوجها الجريح إلى صدرها فأسرعت عدسة تصادف وجودها هناك لتلتقط صورة خلدت الحب في أسمى معانيه.
في خيمة صغيرة تبادل الجميع الحديث بحضور مذيع إحدى القنوات العربية تعددت اللهجات وتغايرت الانتماءات لم يشر أحد إلى منطقته أو مدينته أو حزبه كان الجميع يتحدث عن وطن.
 وطن يحتفي بهم بلا تفرقة ولاتفضيل،  و طن على بعد خطوات من تضحياتهم و إصرارهم و عزيمتهم التي لاتلين .

على بعد آلاف الكيلو مترات كان المغتربون يتابعون كل صغيرة وكبيرة يبكون تارة ويهللون تارة أخرى، شيعوا الجنائز بقلوبهم وهتفت حناجرهم(سلمية.. سلمية).
كانت قلوبهم كالطيور المحلقة ترحل كل صباح وتعود إليهم مساءً لتخبرهم أن الوطن بخير .

لم تكن ثورة طغمة ولازمرة ولاطائفة بل كانت ثورة شعب نبيل، آمن بها الجميع  ورفعوها  فوق أكتافهم فبادلتهم الإيمان وخلدت كفاحهم سطورا من ذهب على صفحة التاريخ .

_هل انتهت الثورة .. ؟  يسأل البعض فأجيبهم عن قناعة وهل تموت الشعوب؟ هل تنتفي حاجة الإنسان إلى الحرية والكرامة والأمن والعدل والمساواة؟هل تتوقف المشاريع العملاقة عند وضع لبنة الأساس ؟ هل ينتهي السباق مع شارة البدء؟   

الثورة باقية  وستستمر حتى تُخمد بقايا  النيران  في إيوان الظلم والجبروت
وحتى يتم القضاء على كل صور الكهنوت والعبودية،  فلا توريث ولا تنصيب ولاتعميد ولاتزكية ولاتزوير  فقد اكتوينا واكتفينا .
   نعم ..زايد عليها البعض وساوم  آخرون لتحقيق مكاسب شخصية  واستغل الطغاة سماحة الشعب وحلمه  فتمادوا في غيهم وفسادهم وكذبهم وحيلهم لكنهم جميعا سيرحلون ، ستلفظهم الأرض الطيبة كما فعلت بغيرهم  فالقوة تعمي صاحبها  والمكر يودي به وهؤلاء ركنوا إلى قوتهم  فأعمت قلوبهم ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46] .

لذلك سيذهب هؤلاء بعيدا كما أرادوا لأنفسهم وسيبقون على الدوام خارج سيرورة العطاء لأنهم لايعرفون سوى السلب والنهب سيحتمون بحصون واهية فالحصن المنيع هو الشعب الذي يوجهون سهامهم إلى صدره ويخاطبونه بالشعب العظيم ..!!
سيسقطون كما سقط غيرهم فالسيل العرمرم آتٍ لامحالة  وحينها لن تمنعهم حصونهم و لن تقف في وجهه سدودهم.
رحم الله  بردوني اليمن الذي أنشد يوما:
                                                                           
سوف تدري دولة الظلم غدا
حين يصحو الشعب من أقوى انتقاما
سوف تدري لمن النصر إذا
أيقظ البعث العفاريت النياما
إنّ خلف اللّيل فجرا نائما
وغدا يصحو فيجتاح الظلاما
و غدا تخضرّ أرضي ، و ترى
في مكان الشوك وردا و خزام