هو الصوت الشعري الهادىء العذب  الذي يستوقف المرء عنده كي يملئ من عذوبته ومناجاته العاطفية خواء الروح.

images

حين نقول ان الفضول تغنى بالوحدة اليمنية وتنبأ بها قبل تحقيقها بسنين فهذا يدل على مدى الاحساس الوطني الذي كان يحمله ومدى ايمانه بهذه القضية.
وديوان الفيروزة يفرز بوضوح فكر وثقافة الفضول الوطنية والقومية فهو لم يكن وطنياً على طريقة الذين يتسكعون في بلاط.. ويتسولون بقصائدهم في مقابل …!!
ولم يكن صاحب فكر مستورد رخيص انما فكره كان وطنياً خالصاً من الارض التي شكلت ملامح عشقه ووله من رائحة التراب والكاذي ومن عرق الزرع واخضرار السبول.
والقارئ لديوان الفيروزة لا يستغرب تلك الروح المتجددة بالعطاء الخلاق والثبات الواضح في النهج الفكري الذي عرف عن الفضول ولا يستغرب ايضاً تلك اللغة السلسة العميقة وتلك الثقافة الشعرية الكبيرة وتلك الصياغة الرصينة القوية التي زادت من وضوح المعنى ومن حلاوة الكلمات..!!
قصائد الفضول الوطنية والعاطفية في هذا الديوان ابداع كبر واستلهم وجوده وكينونته من الأرض اليمنية من واقع المعاناة.. وتحس حين تقرأ قصائد الفضول العاطفية في ديوان الفيروزة أن عبدالله عبدالوهاب نعمان يكتب احساسه ويسترجع ذاكرته الطفولية المليئة بكل صور التضاد زمن طفولي قاس حرمان وخوف.. جوع وجهل ..حب وحنين.. عشق وحلم.. زمن «العكفي» واحمد يا جناة.. زمن طفولي عاشه الفضول في ذبحان بين احضان الحقول وهدهدات النسيم في ظل الشواجب وشكل هاجسه الابداعي الشعري صوت هجيل البتول وغناء النسوة وقت الحصاد وايقاع السيول.
وكل هذه الصور كان حرياً بها ان تخلق في روح هذا الطفل عبدالله عبدالوهاب نعمان مبدعاً كبيراً اسمه الفضول.
ولقد أصبح الفضول من الرموز الادبية الابداعية الوطنية تتناقل اسمه الاجيال تلو الاجيال، فالقلائل من الرموز الادبية المرتبط اسمها بالوطن كالسّياب في العراق والبارودي في مصر والشابي في تونس ودرويش في فلسطين والفضول في اليمن والسبب لانها جعلت من قضيتها الاولى هو الوطن وما دون ذلك يعد ثانياً.
لقد كان احساسي وتصوري منذ البداية وانا اقرأ ديوان الفيروزة انني سوف لن احتاج الى جهد حسي كالذي بذلته للاستماع لهذا الابداع اللامتناهي.
فالولوج الى روح الفضول الشعرية تحتاج الى ترتيب وتهيئة وجدانية واستعداد تام.
لقد وجدت في الفيروزة تقنية رائعة في المعاني والعبارات وبعد ادراك وخطاب هادئ يستدرج جوارحك عذوبة الاحساس ورقة المشاعر والتسلسل المتقن للافكار والرؤى!!
والحقيقة انني حين قرأت الفيروزة اكتشفت ذاتي في المقام الاول وروح الفضول في المقام الثاني واكتشفت الى اي مدى كان الفضول يقدي شعوره ويحترم هاجسه فلا يمكن ان يخرج شعوره واحاسيسه بشكل لاينبغي ان يخرج فهو يمثل الفضول ونجد ذلك في قصيدة «الهدية»
  من ضوء الف صبح نحن اروينا
مفارس الحب في اعماق روحينا
ومن ضوء الف عيد ضاحك الق
صغنا مباهج دنيانا ومشينا
فيا حبيباً كأن الحب
لي وله
مني الملائك تأوي دفء حضنينا
لولم يكن حبنا حباً
لضاق به الصبر الطويل
وكنا عنه الوينا
جفت قناديل حب الناس وانطفأت
الا قناديل حبٍ في فؤادينا
واقفرت منه ارواح ولو طلبت
من حبنا
لتصدقنا واعطينا
فهذا هو الصوت والخطاب الهادىء الذي يستوقف المرء عنده كي يملئ من عذوبته ومناجاته العاطفية خواء الروح ويستمتع به غاية الاستمتاع.
واخيراً فان هذه الحلقات التي اكتبها عن الفضول وفيروزته ماهي الا مدخلاً بسيطاً الى هذا العالم الابداعي الجميل وسوف تأتي الحلقات الاخرى لاحقاً.