فيصل المجيديبقلم – فيصل المجيدي


في بلد اعتاد على إبقاء شيء من كل حقبة تاريخية لاستخدامه لاحقاً، يختلط السياسي بالتاريخي وتتشابك المصالح وتتضارب الرؤى، ويسود اللامتوقع.

لا يمكننا القول أن هناك محوران يتصارعان في اليمن فهذا خارج سياق المشهد اليمني، حيث يجمع الحوثيون بين الأختين في ذات الوقت الولاء لإيران والتنسيق مع الولايات المتحدة، التي بات واضحا أنها قدمت تسهيلات جوهرية للحوثيين ساعدت على اكتساحهم الناعم لإقليم آزال وسيطرتهم على الدولة باستخدام السلاح الأمريكي المتواجد في معسكرات الحرس الجمهوري، ومواجهات رداع التي شنت فيها الدرونز هجماتها داعمة الحوثيين الذين يصمون كل معارض لهم بانه داعشي، وليست داعش والحوثيين إلا وجهان لعملة مزيفة يتم خداع البسطاء بها لتدمير البنية التحتية للشعوب العربية.

وأياً كان الأمر فقد بات من المؤكد أن هناك محوران: محور اليمن، المكون من الشعب اليمني المكافح والصابر، بأفراده وقواه السياسية ومنظماته المجتمعية ويتحالف معه الإخوة في الخليج العربي، أما المحور الثاني فهو محور قوى الشر التقليدية، المتمثلة بالحوثيين والرئيس المخلوع ومجموعات الفساد والقاعدة التابعة له، بالإضافة الى مركز القيادة إيران والدعم الدولي روسيا والدعم التكتيكي والاستخباراتي الولايات المتحدة التي يبدو أنها غير مكترثة بخطورة هذا الدعم ما دام الحوثي مستمر في تسويق نفسه كرأس حربة في مكافحة الإرهاب والقاعدة.

 

المحوران يتصارعان بشده، محور السلام ومحور البندقية والخراب، إلا أن محور الخير قادر على أن يضع الحوثي ومحور الشر الذي يدعمه في عزلة خانقة ستفضي الى سقوطه في آخر المطاف. والحقيقة أن الحوثي عزل نفسه منذ أمد بشعوره أنه سليل النبي وأن سلطته سماوية إلهية لا يمكن تجاوزها، ونسي أن الأرض للبشر، أما الآله فلا مكان لها إلا في مخيلة المتخلفين عقلياً، فليس هناك من إله إلا الله، وهو -سبحانه- لم يفوض أحد من البشر بالقيام بمهمامه.

 

مجلس الأمن بإمكانه أن يضع الحوثيين في عزلة كاملة، وقد أصدر 3 قرارات منذ العام 2011 وما يقارب 4 بيانات رئاسية وصحيفة ومن ضمنها القرار رقم 2140 الصادر في 16فبراير 2014 وكان تحت الفصل السابع ويتحدث البعض أنه من أطول القرارات الصادرة من مجلس الأمن بعد القرار الصادر بشأن العراق والذي استمر بموجبه إدارة البلاد قرابة العشرون عام قبل أن يرفع في العام 2013

 

و فيما يتعلق بالعزلة الدولية فأعتقد أن الأمر في غاية الوضوح، فالدول والانظمة في الأساس من أشخاص القانون الدولي العام وتحصل غلى هذه الشخصية عبر اعتراف مجلس الأمن بها …وكذا دول العالم ويكفي لتأكيد أن جماعة الحوثي وضعت نفسها واليمن في عزلة دولية خانقة في تكرار للتاريخ

 

باعتبار أن اليمن ومنذ دخول الهادي بن الحسين لليمن في العام 285 ه عانت من عزلة دولية وغيبت عن المسرح العربي والدولي لما يقارب الف عام حتى ثورة سبتمبر 1962 م.

 

البلد ستدخل في عزلة خانقة سياسية واقتصادية خصوصا مع تلوح السعودية ودول الخليج باتخاذ عقوبات اقتصادية كبيرة ابتداء من إيقاف الدعم المالي والاقتصادي للبلد ولعل حديث آمين عام الأمم المتحدة عن ان اليمن تنهار مؤشر خطير على ذلك، فضلا عن ما تناقلته وسائل الإعلام عن أن مجلس الخليج العربي قد يتخذ عقوبات بحق كل من يشارك في السلطة مع الحوثين.

 

وأعتقد أن خيارات الحوثي في مواجهة العزلة المحلية والدولية قليلة للغاية خاصة مع استعصاء مارب النتيجة للنفط حتى الان، واستعصاء تعز والجنوب ، خاصة وهذه الجماعة لا تعتمد إلا على العنف والسلاح، وهناك مؤشرات تتحدث عن أن الدولة قد تعجز عن دفع الرواتب خلال الأشهر القليلة القادمة ،وهذا الأمر ورد على لسان مبعوث الأمم المتحدة.

 

وإن كان الحوثي يعول على دعم حليفته إيران غير أن واقعها الاقتصادي ربما لا يجعلها تستمر في ذلك طويلا ولعل ذلك ما يقوي من مقولة أن الحوثي عندما اقتحم منزل عبدربه أخذ مبالغ كبيرة كانت مقدمة من السعودية لدعم الاقتصاد اليمني ولم يكن عبدربه قد وردها إلى البنك.

 

وعموما فإن الحبل يلتف يوميا حول رقبة الحوثيين ليؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاك وتدمير الوحش القادم من أسوء كهوف العالم.. كهف مرآن.