تتزايد مخاوف سكان بعض المدن اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء، بعد حديث عن إصابات متزايدة بإنفلونزا إتش1 إن1 (التي تُعرف شعبياً بإنفلونزا الخنازير) وتسجيل بعض وفيات، وفي ظل ما يعدّونه “لامبالاة” من قبل وزارة الصحة العامة والسكان التي ترى في انتشار فيروس الإنفلونزا هذا أمراً طبيعياً في فصل الشتاء.

 

وفي حين يبقى تشخيص الإصابات غير محسوم، نظراً لعوامل عديدة لا سيّما عدم توفّر المحاليل اللازمة لذلك، أعلنت وزارة الصحة في وقت سابق، إصابة نحو 214 شخصاً بالفيروس ووفاة 11 مصاباً.

 

هذا الفيروس الذي يأتي مشابهاً لفيروس الإنفلونزا الموسمية بأعراضه، وإن كانت أكثر حدّة في بعض الأحيان، تتأثّر فيه خصوصاً فئات معيّنة، تعاني من أوضاع صحية دقيقة مثل الأمراض المزمنة أو أمراض في الجهاز التنفسي أو نقص في المناعة بالإضافة إلى النساء الحوامل والأطفال الصغار والمسنين. لذا يُنصح هؤلاء بالتحصّن بلقاح الإنفلونزا قبل موسم الشتاء، لتفادي أي مضاعفات. كذلك، يتعرّض العاملون في المستشفيات ومن بينهم الأطباء، للإصابة. لذا يجدر على المؤسسات الصحية تلك حماية طواقمها عبر إجراءات وقائية لا سيما اللقاحات.

 

التشخيص غير ممكن

أمة الرزاق محمد طبيبة أصيبت بالفيروس، لكنها عرفت كيف تتخلص منه مبكراً. وتخبر أن أعراض الإنفلونزا المعتادة بدأت تظهر عليها، من “زكام وحمى وسعال في اليوم الأول، ثم راحت تزداد حدة. ترافق ذلك مع ارتفاع في درجة الحرارة وصل إلى 39 درجة. وفي اليوم الثالث، بدأت أشعر بضيق في التنفس. هذا ما جعلني أتنبه إلى وجود مشكلة”، لا سيما وأن إصابات بالفيروس وصلت قبل أيام إلى المستشفى حيث تعمل.

 

تضيف محمد لـ “العربي الجديد” أنها قصدت المختبر المركزي للتأكد من إصابتها بفيروس إتش1 إن1، مشيرة إلى أن “مختبرات العاصمة لا تستطيع توفير المحاليل الخاصة بكشف المرض”. وتتابع أن “العقار الذي يوصف لمثل هذه الحالات، غير متوفر في أكثر الصيدليات، إلا أنني استطعت توفيره عبر أحد الأقرباء لقاء 15 ألف ريال يمني (85 دولاراً أميركياً) إذ هو من الأدوية المهرّبة”. اليوم، شفيت محمد، لكن زميلة لها أصيبت بالفيروس.

 

إلى ذلك، ترفض مستشفيات صنعاء بأكثرها استقبال المصابين بالتهابات في الجهاز التنفسي، على الرغم من تطمينات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية اللتين شددتا على عدم احتمال تحوّل الأمر إلى وباء. وتبرر المستشفيات الرافضة لاستقبال المشتبه في إصابتهم، بأنها لا تملك إمكانية الكشف عن المرض ولا علاجه، وبذلك تحرص على عدم تعريض المرضى في هذه المستشفيات إلى الخطر.

 

الوزارة تطمئن

من جهتها، تُقلل وزارة الصحة العامة والسكان من خطورة الفيروس وإمكانية انتشاره، ويؤكد مدير عام هيئة مكافحة الأمراض والأوبئة، الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، على أن “الموجة الموسمية للإنفلونزا إلى تراجع وانحسار كبيرين”. ويشير لـ “العربي الجديد” إلى أن “وزارة الصحة العامة والسكان تلقت الأسبوع الماضي مذكرة تطمين من منظمة الصحة العالمية”.

 

وعن الإصابات والوفيات المشار إليها أعلاه، يقول الكحلاني إن الوزارة تواصلت مع منسقي المحافظات لرفع مستوى الجاهزية والاستعداد لأي مستجدات، بالإضافة إلى توزيع كميات كافية من الأدوية المضادة للإنفلونزا في كل المحافظات، بما فيها سقطرى”. يضيف أن “الوزارة تنسّق باستمرار مع منظمة الصحة العالمية لتنظيم دورات تدريبية في المحافظات وللعاملين في المستشفيات، بالإضافة إلى إعداد نشرات وملصقات للتوعية”.

 

وعن المعوقات التي تواجه الوزارة في ما يتعلق بالتصدي للمرض، يشير الكحلاني إلى “الحصار المفروض من قبل التحالف العربي على اليمن والذي يحول دون تمكن المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة من استيراد المحاليل اللازمة للفحص”. ويلفت إلى أن “الكمية التي كانت متوفرة لدى الوزارة هي من بقايا عام 2014، وقد نفدت بسبب الحالات العديدة التي سجّلت في الشهرين الماضيين”.

 

إلى ذلك، يرى الكحلاني أن “انقطاع التيار الكهربائي يحدّ من متابعة المواطن للتوعية عبر القنوات الفضائية”، ويؤكد أن “رفض بعض المستشفيات استقبال المرضى لأسباب مختلفة، من المعوّقات التي يواجهها المريض”. ويدعو تلك المستشفيات إلى “تجاوز ذلك والعمل على مداواة المصابين بالإنفلونزا، إذ هي تشبه الأمراض المعدية الأخرى، ولا يصح رفض استقبال أي مصاب. على العكس، لا بد من تقديم كل العناية له وفق إجراءات الوقاية المعيارية المعتمدة”.

 

وبخصوص الشكاوى من عدم جاهزية المختبرات وعدم قدرتها على استقبال المرضى والمساعدة في تشخيص الإصابة في حال وُجدت، يشدّد الكحلاني على أن لدى اليمن كوادر مخبرية مدرّبة تدريباً عالياً في مختبرات إقليمية، إلا أن المشكلة تكمن في نفاد المحاليل قبل أكثر من أسبوع”.