13qpt997

_سليم عزوز

لا أعرف لماذا لم يستقر عربياً إلى الآن أن الإعلام مهنة، تتعدد مدارسها، لكنها في النهاية ليست مجالاً يمكن لأي عابر سبيل أن يلتحق بها!
على أيامنا كان من المأثورات أن الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له، وأيام كان يُقصد بالصحافة، العمل في الصحف الورقية. والآن صار التقديم التلفزيوني هو مهنة مفتوحة، لا سيما بعد أن دخل رجال الأعمال مجال تملك القنوات التلفزيونية، وهم لا يفرقون بين الفنان النجم، وبين مهنة الإعلامي، فضلا عن أن حالة الركود في المجال الفني أنتجت ظاهرة «الممثل المذيع»!
لا أعرف آخر عمل للفنان «أحمد أدم»؟ لكني أعرف أن سوق الدراما لو كانت رائجة بالنسبة له فلن يكون قد وجد لديه الوقت ليقوم بدور «المهرج» على مسرح قناة «الحياة»، لصاحبها السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب «الوفد» المصري، وما يستجد من ملاك، فقد قرأنا أن ملاكها في الأصل رجال أعمال خليجيون، لهم رأي سلبي في «ثورة يناير»، فوقع الإختيار على المذكور ليقوم بجانب في دور «الحياة» في الثورة المضادة!
كما أعلم أن «أدم» لو حقق نجوميته في مجال تخصصه، لتعفف عن أن يطلبها في مجال بعيدا عنه، وهو التقديم التلفزيوني، حيث يقدم برنامجا سخيفاً اسمه «بني أدم شو»، الذي شاهدت بعض حلقاته، وساءني أن يبتذل نفسه بهذا الشكل ويقوم بدور المهرج، الذي هو بعيد تماما عن دور الفنان الكوميدي، أو مقدم البرنامج الفكاهي، حيث يوشك أن يمشي على دماغه لكي يجلب المشاهدين، وقد أحاط نفسه بظاهرة الحضور، الذين يصفقون له، ونعلم أنه حضور وهمي، وكما نعرف ظاهرة مقاولي الأنفار، الذين يقومون بجلب من يحضرون هذه البرامج، في استغلال للبطالة، التي تفشت في المجتمع المصري، وهم يصفقون بإشارة من المخرج، ويضحكون بإشارة أخرى وقد ينتصب أحدهم فيوجه سؤالاً جرى الاتفاق عليه مسبقاً في البرامج التي تقر هذا!
ولم يكن مفاجأة لي و«آدم» ليس إعلامياً محترفاً، أن يقع في شر أعماله بالسخرية من الشعب السوري، ومن مذبحة حلب، وأثبت بما فعل أنه ليس فقط يفتقد للحد الأدنى للياقة المهنية، ولكنه يفتقد لهذا الحد في مجال الإحساس الإنساني، ومثلي يعلم أن هناك من ينحازون لبشار الأسد، لأن الإنقلاب العسكري ينحاز له، لكن تكمن المشكلة في هذه السخرية من هذا المحنة الإنسانية، فتصرف المذكور كالدبة التي قتلت صاحبها، لكنه وإن أساء التعبير فلم يخالف سياسة القناة التي يعمل فيها، والتي ربما وجدت نفسها أمام استهجان الرأي العام، فاعتذرت عن بث الحلقة التالية، واعتذرت للشعب السوري، لكنها تمسكت بأحمد آدم لأنه لم يخرج على سياسة القناة، غاية ما في الأمر أنه اجتهد أكثر مما ينبغي ولأنه يفتقد للمعايير المهنية، ولأنه كذلك قرر أن يواصل تهريجه في ساحة لا تحتمله، فقد وقع التجاوز، لكن القناة لم تر أنه ارتكب خطيئة!
«الحياة» أداة من أدوات الثورة المضادة، وعندما نعرف من هم أصحابها على وجه التحديد، فيمكننا أن نحدد توصيفا لحالة «البدوي شحاتة»، الذي ظلمناه عندما تعاملنا معه على أنه المالك، فإذا به وسيطا!
وسيكون مهماً أن نعرف دور دولة بعينها في الإقليم تسعى لابتذال مهنة المذيع، وهو دور يتجاوز الانحياز للثورة المضادة وإفشال الربيع العربي، إلى «عكشنة» وسائل الإعلام. هم العدو فاحذرهم.