تهجير شماليينشعب اونلاين : متابعات /

يتعرض يمنيون شماليون في محافظة عدن الجنوبية التي تسيطر عليها قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى مضايقات تصل إلى حد الاستيلاء على منازلهم وطردهم
يعيش يمنيون متحدرون من شمال البلاد هواجس ومخاوف من استمرار استهدافهم وتهجيرهم في مدينة عدن الجنوبية، بعد سنوات طويلة أقاموا فيها، خصوصاً الذين شيّدوا منازلهم وأقاموا أعمالهم هناك. يأتي ذلك بعدما بدأت مجموعات أمنية مسلحة تنظيم دوريات في شوارع المدينة للبحث عنهم وترحيلهم من دون أن يسمحوا لهم بأخذ أيّ من ممتلكاتهم
.
في حالات أخرى، تسطو جماعات مسلحة على بعض المنازل المعروفة لسكان يتحدرون من المحافظات الشمالية. يستولون عليها نهائياً، أو يتركونها بعد نهب محتوياتها، أو يأخذون مقابلاً من المال من أصحابها. وقد دفعت هذه الممارسات عدداً كبيراً من التجار ورجال الأعمال والمواطنين العاديين إلى بيع منازلهم وعقاراتهم بأثمان أقلّ من سعرها الاعتيادي والمغادرة
.
في هذا السياق، فشل علي العجيل من العاصمة صنعاء في الوصول إلى مدينة عدن أخيراً لتفقد شقته السكنية بعد تلقيه بلاغاً من جيرانه عن سيطرة مجموعة مسلحة عليها في نهاية العام الماضي
.
يقول العجيل إنّه حاول مراراً الدخول إلى عدن لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب الإجراءات الأمنية المتبعة، والتي تمنع دخول الشماليين باستثناء بعض الحالات. يتابع لـ”العربي الجديد”: “كان الفشل حليفي في كلّ محاولاتي للوصول إلى عدن من أجل حماية شقتي التي اشتريتها قبل سبع سنوات داخل مدينة نماء السكنية بالقرب من منطقة المنصورة. كلفتني شقتي الفاخرة ستين ألف دولار أميركي وها أنا غير قادر على الوصول إليها”. كثر هم أهل شمال اليمن الذين كانوا قد اشتروا شققاً أخرى ضمن هذا المشروع السكني. وهؤلاء يتخذونها إما للسكن العائلي أثناء الاجازات، أو لاستثمارها من خلال تأجيرها
.
يتابع العجيل أنّه حاول مراراً عرض شقته للبيع خلال السنوات الأخيرة، إلاّ أنّ عروض الشراء لم تلبِّ ما نسبته 45 في المائة من قيمة الشقة الأصلية بسبب انخفاض طلبات الشراء كثيراً. والسبب في ذلك يعود إلى تدهور الأوضاع الأمنية وفقدان المدينة مميزاتها الاستثمارية نتيجة استمرار الحرب ومعاركها خلال السنوات الثلاث الماضية

أما خالد عبد العزيز، فقد تمكن من إخراج العناصر المسلحة التي كانت قد استولت على منزله قبل أشهر. بعد تحرير مدينة عدن من سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثي) والرئيس السابق علي عبد الله صالح، استعان عبد العزيز ببعض أقربائه الذين ينتمون إلى إحدى المحافظات الجنوبية المجاورة لعدن. يقول لـ “العربي الجديد”: “لولا أنّ أصهاري من محافظة لحج الجنوبية، لما استطعت إجبار الجماعات المسلحة التي احتلت منزلي المتواضع الواقع في المدينة الخضراء بعد طرد الحوثيين، من مغادرته”. يشير إلى أنّ إخراج هؤلاء المسلحين أتى بالقوة وليس بالتفاهم

يوضح عبد العزيز أنّ كثيرين من سكان المدينة الخضراء في محافظة عدن ينتمون إلى محافظات شمالية، وقد أجبر بعضهم على بيع ما يملكونه من شقق خوفاً من مصادرتها في حال زادت الأوضاع سوءاً. يؤكد أنّ حملات تهجير الشماليين من عدن زادت من هذه المخاوف. يقول: “لم أتخيل أن يصل بنا الحال إلى هذا المستوى.. أن يطرد اليمني أخاه اليمني من منطقته بدوافع سياسية أو تبعاً للانتماء الجغرافي. أعمل في صنعاء منذ سنوات وأسكن في منزل مستأجر في صنعاء. عندما فكرت في شراء منزل متواضع، اشتريته في عدن كونها أقرب إليّ من صنعاء، فأغلب أقربائي يسكنون في عدن منذ عقود طويلة“.
بخلاف ما يشعر به عبد العزيز، لا يجد يحيى الأرحبي قلقاً من نهب الجماعات المسلحة في عدن منزله الذي اشتراه أخيراً. هو يعتقد أنّ الحقوق سوف تعود إلى أهلها مهما طال الزمن. يضيف: “حتى وإن حدث انفصال، فهذا يعني أنّ الدولتين سوف تحرصان على إرجاع الحقوق لأصحابها، ولهذا لا أشعر بالقلق كثيراً من أيّ إجراء يقومون به في عدن. أموالنا وأملاكنا لا بدّ من أن تبقى محفوظة مع أي اتفاق أو تسوية سياسية
“.
يؤكد يحيى أنّ ملايين الشماليين يقيمون في مدن جنوبية، وأنّ عملية تهجيرهم وسلب حقوقهم مسألة خطيرة، ولا يمكن لأيّ نظام أو جماعة أن تقوم بمثل هذه العملية من دون أن تكون هناك ردود فعل من الشمال والعالم. وبذلك، تحفظ حقوق هؤلاء المواطنين في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى كما يظنّ
.
حتى فترة قصيرة، كان المقيمون في عدن من أبناء محافظة تعز فقط يحظون بحرية الانتقال والإقامة فيها بسبب متاخمة منطقتهم للمحافظات الجنوبية وتشابه وضعهم السياسي والثقافي. مع ذلك، فقد حرموا من ذلك أخيراً
.
وكانت سلطات عدن قد نفذت عمليات تهجير واسعة لمواطنين شماليين في عدن أغلبهم من تعز، وأعادتهم إلى الحدود الشطرية بين ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية قبيل وحدة اليمن في مايو/ أيار 1990. لكنّ ذلك دفع
 الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى إصدار توجيهات تلزم سلطات عدن بالوقف الكامل لترحيل أي مواطن يمني، وذلك بعدما كشفت تسجيلات مصورة أعمال تهجير مستمرة لمواطنين شماليين من المحافظة تحت لافتات انفصالية.