حصاد اليوم


 

أثار فيديو سرب على شبكة الانترنت، عن واقعة اقتحام اللجان الشعبية، التابعة لجماعة الحوثيين، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

و فيما اعتبر نشطاء أن الفيديو المسرب يكشف عن حقيقية تعامل مسلحي جماعة الحوثي الذين ينتشرون في العاصمة صنعاء و محافظات أخرى، مع خصومهم، يدافع الموالون للجماعة عن اخلاقيات لجانهم بأن الفيديو.

و جاء التشكيك في المقطع، بعد نشر الاعلامي حميد رزق المحسوب على الحوثيين، منشور في صفحته على الفيس بوك، أشار فيه إلى أن من سربه شخص من محافظة إب، و يعمل في مجال البرمجيات و الفوتشوب، و أنه من قام بدبلجة المقطع، غير أن تصريحات لوزير الدولة حسن زيد، أثارت تساؤلات عدة عن علاقات جماعة الحوثي و اختراقها من قبل الرئيس السابق “صالح”.

حسن زيد كشف أن الفيديو سربه مقرب من يحيى صالح، نجل شقيق “صالح”، و هو ما يعني أن اللجان الشعبية التي اقتحمت منزل الأحمر لها صلة بالرئيس السابق و عائلته.

العلاقة بصالح

متابعون اعتبروا ذلك انكشاف لما يحاول نفيه قياديي جماعة الحوثي، بعدم صلة “صالح” بجماعتهم و لجانهم الشعبية.

و أشاروا إلى أن نشر الفيديو من قبل مقرب من “يحيى صالح” دليل لمن لا يريد أن يصدق أو يحاول التعامي عن تحالف صالح و الحوثيين.

و نوهوا إلى أن ما قاله زيد يؤكد هذا التحالف، خاصة و أنه سبق نشر صور لمسلحي الجماعة عقب دخولها، و هم في غرفة نوم محمد قحطان القيادي الإصلاحي، الذي هدد في العام 2011 الرئيس السابق “صالح” بالدخول إلى غرف النوم، و أن تلك الصور كانت ردا من “صالح” على تهديدات قحطان.

و رجحوا أن تسريب الفيديو تم من قبل محسوبين على “صالح” كون تسريبه لا يخدم جماعة الحوثي، باعتباره يضع اخلاقيات الجماعة على المحك، و يكشف عن تنكرهم و نكثهم بوعدهم التي يضعوها كـ”أمان” لخصومهم، خاصة و أنه ورد في الفيديو، أنه لن ينشر و أن صادق الأحمر في وجه السيد، في اشارة لزعيم الجماعة “عبد الملك الحوثي”.

آثار سلبية واعترافات

تسريب الفيديو كان له أثره في أوساط الجماعة، ففي يدفع فريق بأن الفيديو مفبرك، يؤكد أخرون أن تسريبه يوجب محاسبة تلك اللجان التي اقتحمت منزل الأحمر، و من سرب الفيديو، غير أنهم يعلقون ما حصل على شماعة “عفاش”، و يدعون أن من سربه عفاشي، و هو سلوك فردي، لا علاقة له بالجماعة و لجانها.

هذا الاقرار بحد ذاته مؤشر و اعتراف بوجود “صالح” و بقوة ضمن مسلحي الجماعة، و هو ما يزيد من مصداقية تلك الأنباء التي تحدثت عن مشاركة “صالح” بأكثر من ثلث اللجان الشعبية لجماعة الحوثي الموجودة في العاصمة صنعاء.

امعان مسلحي الحوثيين في التنكيل بالخصوم لم يعد قرارا فرديا، كون تلك التصرفات باتت مستمرة، و تتم خارج مؤسسات الدولة و بعيدا عن القضاء.

تضاؤل تأييد المثقفين

تلك التصرفات، باتت محل استياء، و بالذات في أوساط النخب، حيث تضاءل تأييد الجماعة في أوساط المثقفين، جراء تلك الممارسات، حيث صارت الانتهاكات للحريات الشخصية سلوك يومي، خاصة في جامعة صنعاء، التي تشهد غليانا طلابيا ضد ممارسات مسلحي الجماعة داخل الحرم الجامعي، في ظل مطالبات لمقربين من الجماعة بانسحاب المسلحين من حرم الجامعة.

الفيديو المسرب، صار مادة للتندر في أوساط الناس، خاصة ما يتعلق بما قاله أحد المسلحين لـ”صادق الأحمر” تأكيدا على عدم نشره “أنت بوجه السيد”.

استغلال

ناشطوا الإصلاح استغلوا الفيديو و نشروه على نطاق واسع، و استخدموه لتأييد علاقة الحوثيين بـ”صالح”، و في الوقت ذاته لإثبات الانتهاكات التي يمارسها مسلحوا الحوثيين و امعانهم في التنكيل بالخصوم، و ضرب الجماعة اخلاقيا..

استخدام الفيديو من قبل الآلة الاعلامية للإصلاح، سيدفع ثمنه الحوثيون لوحدهم، كونه يعريهم أمام الرأي العام، في وقت بدأت فيه شعبيتهم تتراجع.

تراجع تعاطف الناس مع الحوثيين، جاء نتيجة للأخطاء المستمرة التي يرتكبها مسلحيهم، و القرارات غير المدروسة التي تتخذها القيادات الميدانية، و التي تتزايد مع مرور الوقت.

خيبات

الناس كانوا يرون في جماعة الحوثي مخلص لهم من فساد نظام امتد لأكثر من “35” عام، غير أن الحوثيون جاؤا إلى العاصمة ليكونوا دولة داخل دولة.

و بدلا من الضغط لتفعيل القضاء و أجهزة الضبط القضائي، انشاؤا هيئة للمظالم للبت في شكاوي، فوجدوا انفسهم أمام كم من القضايا العالقة و المزمنة و التي لا يستطيعون حلها.

استغل البعض ما تقوم به الجماعة في هذا الجانب، و ذهبوا لتصفية حساباتهم مع خصومهم، و خير دليل على ذلك جرف سور احدى الجامعات الخاصة في العاصمة، بعيدا عن القضاء و النيابات و المحاكم، و مثله اقتحام شركات لا تخص حميد الأحمر لوحده، و إنما لأنه شريك فيها.

كل تلك التصرفات تتم بعيدا عن الدولة و القضاء و أجهزة الأمن المخولة بذلك، و إن كان الحوثيون نجحوا في استصدار أوامر من النيابة بتجميد أموال الأحمر و محسن، إلا أن تلك الأوامر لا تخولهم بمصادرتها و التصرف فيها.

دولة داخل دولة

اللجان الثورية التي شكلوها عقب دخول صنعاء، باتت لا تمارس دور رقابي كمنظمات مجتمع مدني معنية بمكافحة الفساد، و إنما تمارس أدوار تنفيذية، لا يقوم بها إلا القضاء و أجهزة الدولة المختصة.

بعض من ممارسات تلك اللجان صارت انتهاكات في نظر القانون الذي يجرمها، و هي ذات الممارسات التي تعيد للذاكرة ما حصل في الجنوب عقب اجتياحه في صيف العام 1994م.

كل ذلك يخلق تذمرا شعبيا، سيعد الاحتجاجات المدنية و الشعبية إلى الواجهة، و بمرور الوقت سيجد الحوثيين أنفسهم أمام غضب شعبي، تماما كما وجد الإصلاح نفسه بعد “3” سنوات من ثورة فبرائر 2011م.

الحوثيون استغلوا الجرعة السعرية على المشتقات النفطية، لتبرير اقتحام العاصمة و السيطرة على معسكرات و مقار حكومية.

برروا اقتحام المعسكرات بملاحقة حميد و محسن و من إليهم، و هم من ظلوا كابوسا جاثم على الشعب عقود من الزمن، غير أن نهب سلاح المعسكرات و السيطرة على بعضها و رفض تسليمها، كشف عن حقيقة ادعاءات الحوثيين، و انهم مجرد راكبين لموجة غضب الشعب من رفع أسعار الوقود، و هو ذات الطريق الذي سلكه الإصلاح للسيطرة على الدولة عقب ثورة فبرائر الشبابية.

رفض الحوثيون المشاركة في الحكومة، غير أنهم استمروا في التدخل في عمل الإدارات الحكومية، و هو ما يكشف أيضا عن الوجه الحقيقي لمبتغاهم من دخول العاصمة و الذي لا يختلف عن هدف الإصلاح بعد 2011م.

كل ذلك يؤشر على أن دخول الحوثيون إلى العاصمة، لم يكن لتخليص الشعب من معاناته، و إنما يكشف عن تحالف تم خلف الكواليس كان الدافع الانتقامي جزء منه و استخدامهم من قبل النظام القديم لإنتاج نسخة محدثة، تضمن له العودة إلى الحكم أو السيطرة على القرار السياسي.

الحوثيون لم يعودوا يتحدثون عن الأوضاع الاقتصادية التي تطحن كاهل البسطاء، لكنهم باتوا منهمكين في التوسع و التمدد إلى المحافظات الأخرى، و ابرام الصفقات و الاتفاقات و التحالفات مع أطراف كانت شريكة في فساد امتد لأكثر من “3” عقود.

و الأبعد من ذلك أن طاولات الاجتماعات السرية صارت تجمعهم مع من حرضوا ضدهم، و باتوا يحاورنهم، و لقاءات واشنطن ليست ببعيدة.

الحوثيون يندفعون خلف هذه الصفقات و يتناسون بمرور الزمن، شعارات ثلاثة رفعوها فيما سموها “الثورة الشعبية”.

و يوما عن يوما سيجدون أنفسهم، كما وجد الاصلاح نفسه بعد “3” سنوات من ثورة فبرائر الشبابية.

الحوثيون يعتمدون على القوة في فرض ما يريدون، متناسين أن الإصلاح و حلفائه هزموا اخلاقيا قبل أن يهزموا عسكريا و قبليا..

كانت مخازن السلاح مكتظة و معسكرات الجيش تحت تصرفهم و امكانيات الدولة تحت ارادتهم، لكنهم وجدوا انفسهم وحيدين، وكان التسليم بالأمر الواقع امرا محتما، و الفرار و الاستسلام نتيجة طبيعية لخطاء الممارسة.

الحوثيون يسلكون ذات المسلك، و يسيرون في ذات الطريق و كل يوم تتكشف ممارسات و تصرفات، حين تسقطها على الواقع لا تجدها إلا متطابقة مع من سبقوهم.